منزلة الأخلاق
للأخلاق منزلة عظيمة في الإسلام ومكانة كبيرة ، فلقد شرف الله الأخلاق وأعلى قدرها ومنزلتها ،ولقد تعددت مظاهر هذا التشريف في صور متعددة ومنها أن الله-سبحانه- وصف نبيه صلى الله علية وسلم ونعته بأعظم الصفات حيث قال : (إنك لعلى خلق عظيم) ومن البديهي أن الله لا ينعت نبيه بشيء إلا إذا كان هذا الشيء ذا مكانة مرموقة ،وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على سمو منزله الأخلاق عند الله-عز وجل-كما أن النبي صلى الله علية وسلم بين منزلة الأخلاق وذلك حين دعا ربه رغم إنه أحسن الناس أخلاقاً أن يحسّن خلقه فكان يقول: ((اللهم فكما حسنت خَلقي فحسن خُلقي)) فقد كان النبي صلى الله علية وسلم لا يدعو ربه بشيء إلا وفيه كل الخير ويدل ذلك على أنه إذا ما أراد الناس خيرا فعليهم بحسن الخلق ،ولقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم مقياس حبه للناس ومقياس منزلة الناس منه يوم القيامة ....
فكان يقول رسولنا الكريم: ((إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً)) ،ومعنى ذلك أنه على قدر خلق الإنسان يكون حب الرسول له، فمن بلغ مكانه كبيرة في حسن الخلق نال قسطاً وافراً من حب النبي صلى الله علية وسلم فهنيئاً لمن كان ذاك،كما جعل الرسول صلى الله علية وسلم حسن الخلق سبباً رئيساً للنجاة من عذاب الله يوم القيامة،وذلك ساعة قيل له :إن هناك امرأة تصوم النهار وتقوم الليل ولكنها سيئة الخلق تؤذي جيرانها بلسانها فقال:
((لا خير فيها هي في النار))
ولقد أوضح لنا النبي صلى الله علية وسلم أثقل ما يوضع للإنسان في ميزان أعماله يوم القيامة فينال به أعلى الدرجات فقال((أثقل ما يوضع في ميزان العبد يوم القيامة تقوى الله وحسن الخلق)).
حسن الخلق من تمام الإيمان فلا يعقل أن يكون الإنسان سيء الخلق وإيمانه كاملاً،فحسن الخلق هو المعيار الحقيقي للمؤمن الصادق ،لأن المؤمن لا يكون جاف الطبع ولا غليظ القلب ولا خشن اللفظ ،بل يكون ليناً سهلاً حلو الحديث مرموقاً محبوباً تحبه الناس ، وتألفه ولا تنفر منه أو تتحاشاه ،ومن كانت هذه صفاته وطباعه أحبه الله-تعالى-وأحبه رسوله صلى الله علية وسلم ونال رضا الناس ومحبهم والقرب منهم ،وكان من أهل الجنة ومن عتقاء النار جعلنا الله منهم وشملنا برعايته وفضله